كيف ينظرُ المغاربة إلى اعتداءات "16 مايْ" في ذكراها الـ11؟
الجمعة 16 ماي 2014 - 11:30
إحدى عشرَ سنةً بالتمام تقفلهَا الرجَّةُ التِي دكتْ فندقًا في الدار البيضاء، وبثتْ ذعرًا في نفوس المغاربَة، بعدمَا كانُوا يخالُون شبحَ الإرهاب بعيدًا في أقاصي تورابورا، فإذَا به يطرقُ بابهم، ويأذنُ لتطوراتٍ كثيرة أنْ تتوالى، في تعقبِ الدولة للمتهمِين بالضلوع في الاعتداءات، أو عمدها إلى تأهيل الحقل الديني تفاديًا لتفريخهِ نماذجَ قدْ تعيدُ السيناريُو "الأسود" مرَّة أخرى، بلْ إنَّ حزب العدالة والتنميَة الذِي يقودُ التحالف الحكوميَّ اليوم، بعد الدستور الجديد، كانَ سيحلُ بعد تحميله المسئوليَّة المعنويَّة للأحداث، من قبل بعض خصومه السياسيين. الاِعتداءات التي أودتْ بحياةِ 45 شخصًا، شرعتْ الباب، حسب متابعين، لاعتقالاتٍ بالجملة وسطَ حملة الفكر المتشدد، الذين وإنْ لم يتورطْ الكثيرون منهم في جرائم، كانتْ قراءتهم للدين أوْ مظاهرهم كافيَةً للزجِّ بهم في السجون، حتَّى أنَّ العاهل محمدًا السادس، أقرَّ في استجوابه الشهير مع صحيفة "إلباييس" الإسبانيَّة بتجاوزاتٍ شابتْ تعاطِي الدولَة مع المعتقلِين الإسلاميُّين، الذِي لا يزالُ الكثير منهم في الزنازين بعد الأعوام الطوَال، فيمَا خرجتْ رموزٌ سلفيَّة كانتْ قدْ أدينتْ بعقوباتٍ حبسيَّة طويلة، على إثر الحراك الذي اجتاح الشارع المغربي. ريَّاضي: الدولة حاربتْ الفكر المتنور وشجعت التزمت الرئيسة السابقة للجمعيَّة المغربيَّة لحقوق الإنسان، خديجة ريَّاضِي، تقولُ إنَّ السنوات الإحدى عشر التي أعقبت هجمات السادس عشر من مايْ كانت سنواتِ معاناة، سواء بالنسبة إلى ضحاياها ممنْ لا يزالُون في حاجةٍ إلى الرعايَة، أوْ لدى من طالتهم الاعتقالات التي وصفتها بالعشوائيَّة"، والقيام بمحاكماتٍ بالجملة، لمْ تلها أيَّة محاسبة "وإنْ كانَ رئيسُ الدَّولة قدْ أقرَّ بوجودِ انتهاكاتٍ شابتْ معالجة السلطات للأحداث الإرهابيَّة". وأوضحتْ ريَّاضي أنَّ مسألة الإرهاب لا يمكنُ أنْ تعالجَ بالمقاربة القانونيَّة لوحدها، وإنما تلزمهَا مقاربةٌ أخرى اجتماعيَّة واقتصاديَّة وثقافيَّة، "أمَّا الفكرُ المتزمتُ فالدَّولة هي التي شجعته وعملت على محاربة الفكر المتنور بشتَّى السبل، على نحوٍ تتحملُ معهُ المسئوليَّة على تنامي التطرف"، تستطردُ المتحدثَة مبديَةً رفضهَا لاعتقال النَّاس بسبب قناعاتهم وعدم تمتيعهم بمحاكماتٍ عادلة. الحقوقيَّة المتوجَة أمميًّا قالتْ إن الدولة تواربُ في حديثها عن التصدي لمن يبثُّون خطاب العنف، لأنهمْ موجُودون في المساجد ويروجُون لأفكارهم، أمَّا السببُ الحقيقي وراء اشتغالها فهو الانخراطُ خلف الولايات المتحدة الأمريكيَّة في الحرب ضدَّ الإرهاب، وفتح أبوابها لواشنطن دون مراعاة السيادة". "أختلفُ جذريًّا مع من اعتقلُوا، وأرفضُ تصوراتهم، لكنْ لا يمكننِي من منطلقٍ حقوقِي سوَى أنْ أدافع حقِّهم في أنْ يحظَوْا بالكرامة في التعامل لدى اعتقالهم أوْ محاكمتهم، لأنَّ هناك إطارًا جامعًا يوحدنَا مهمَا طفتْ الخلافات؛ هُو الإنسان الذِي يجبُ أنْ نصونه، أيًّا كانت الإيديلوجيَّات". أبُو حفص: كثيرونَ ظلمُوا بعد الهجمات الشيخُ محمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبِي حفص، وهو واحدٌ ممن اعتقلُوا في ملفِّ "السلفيَّة"، يرى أنَّ الهجمات كانتْ مؤلمة، لجهات عدة؛ سواء من جهة التأسف على الضحايا الذين وقعوا ضحية الأحداث الإرهابية، أو من جهة ما يعتبرها أبو حفص انتكاسة عرفها مسار البلد بعد الإشارات التي كانت موذنة بالقطيعة مع العهود الماضية "هي مؤلمة جدا لنا، بسبب الظلم الذي تعرضنا له و تعرض له الآلاف إثر الحملات العشوائية التي حصدت الأخضر و اليابس و ما تحملته أسرنا و عوائلنا، و سنوات السجن التي قضيناها ظلما بسبب ربطنا بتلك الأحداث"، يضيفُ المتحدث. وعنْ السبيل الذِي كان يفترضُ أنْ تسلكه الدولة في التصدي للإرهاب، أكد أبُو حفص أهميَّة الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة الفقر وتشغيل الشباب وعدم تركهم عرضة للاستقطاب المتطرف، فضلًا عنْ إشاعة ثقافة الاعتدال عبر المنابر الدعوية والاعلامية وعدم ترك هوة بين العلماء والشباب واحتكاك العلماء بالمجتمع ومشاكله وتجديد الخطاب ومسايرة المتغيرات الحياتية. بازيد: الإرهاب اقتات على شريحة انسدَّ أفقها من جانبه، يرى الشيخ المامي أحمد بازيد، رئيس جمعيَّة السلام، إنَّ الأحداث التي كانتْ أليمةً بما سببتهُ من إرهابٍ، راجعة للاحتقان وانسداد أفق شريحة معينة، اقتات عليها الفكر المتطرف. بازيد يقول إنَّ الدولة اعتمدت مقاربتين اثنتين؛ أولاهما تمثلت في سياق أملته الولايات المتحدة الأمريكية في انتهاك حقوق الإنسان مع "السلفيين" كوسيلة للترهيب والترهيب المضاد، أما الثانية الاخيرة التي انتهجها المغرب فتدخل في نطاق الانفتاح الديمقراطي والدستوري، كما دلت عليه الصلاة التي جمعت بين الملك محمد السادس و ـحد أكبر زعامات السلفية، والذي كان متهما بالارهاب ومسجونا عقب أحداث 16 ماي. أنسْ: كيفَ تولدُ أفكار القتل؟ وإزاء قراءة مآل الهجمات الإرهابيَّة، يرى أنس الهُود، وهُو تلميذٌ مغربيٌّ متفوق بثانويَّة الحسن الثاني في سلا الجديدة، أنَّ من الصعب بالنسبة إليه اليوم كيافع أنْ يتصوَّر الطريقة التي تولدُ بها أفكار القتل لدى من يقفُون وراء التفجيرات، "ما يحزُّ في نفسي هُو أنْ تلك الهجمات وقف وراءها أشخاصٌ يدعُون الإرهاب يذهبون بحياة الآخرين الذين لمْ يقترفُوا ذنبًا ولا همْ باشرُوا اعتداءً". أنس الذي لمْ يكن يتجاوز السادسة من عمره، لدى وقوع الاعتداءات، أنَّ الإشكال الأكبر في تقديره هو القراءة الخاطئَة للدين وسيرها في الحشد والتعبئة إلى صناعة منْ يخالُون أنفسهم "أكباش فداء" في سبيل رفع راية الحق.
0 التعليقات: