اخر المواضيع

المرابط: الاستقلالات السياسية جعلت الغرب يستغل العقول بدل الأرض







عقد المجلس الاسلامي المغربي في اسكندنافيا ملتقاه السنوي الثالث في العاصمة الدانمركية كوبنهاكن، وقد تخللته ندوة أطرها الدكتور مصطفى المرابط خصصت لمناقشة سبل الإقلاع الحضاري على ضوء المتغيرات العالميّة.. وذلك بحضور رؤساء جمعيات ونشطاء من أبناء الجاليتين المغربية والإسلاميّة. المحاضر هو متأصّل من مدينة أزغنغان بإقليم النّاظور، وقد تكوّن بفرنسا التي درس بها البيولوجيا، وقد ولج المجال الدعوي بعدما غدا أمينا عاما لمسجد ستراسبورغ كما اشتغل فكريا عبر إصدار مجلة "المنعطف الفكريّة" قبل تأسيس مركز الجزيرة للدراسات بقطر ومركز "مغارب".. كما أنّ المجلس الاسلامي المغربي في اسكندنافيا هو ممثل لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية بالدول الإسكندنافية، وقد جاء تأسيسه للعمل على تحسين وضعية المساجد والتنسيق بين المراكز الدينية وتعزيز التعاون بين الجاليات المسلمة وسط الدول التي يتواجد بها. وقال رئيس المجلس الاسلامي المغربي في اسكندنافيا، مصطفى الشنضيض، ضمن كلمة له إنّ "المبادرة تأتي بعدما انحطت المبادئ الانسانية في العالم الحالي، وفرغ الانسان من كل ماهو اخلاقي و حضاري، وبدأ استغلال الثروات العالمية محددا لطريقة التعامل بنية السيطرة على العالم كقطب أوحد، ومعاقبة كل من يريد ان تكون له استقلالية في القرار". مصطفى المرابط اعتبر، ضمن الندوة التي تدخل بها، أنّ الإقلاع الحضاري في ظل التحولات التي يعرفها العالم يقتضي البحث بالعديد من المحطات التي تفضي للكثير من النتائج، متسائلا عمّا إذا كان البناء الحضاري القائم حاليا، كفكر حضاري، مستندا على أسس سليمة.. مضيفا أنّ "الحضارة الاسلامية بنيت على الصدمة، لأنها استفاقت على حضارة الغرب المدججة.. فحملة نابوليون على مصر زادت من هذه الصدمة التي تلتها صدمات الاستعمار الذي دخل البلدان الإسلامية، وأذكى كل هذا سقوط الخلافة الإسلاميّة". المحاضر قال إنّ "هذا التفكك، وصعود العديد من التيارات الصامدة والمقاومة، تسبّب في سلسلة استقلالات سياسية دون الحصول على استقلالات فعلية.. حيث انتقل الغرب من استغلال الأراضي إلى استغلال العقول، وذلك بفعل وعي متأخر لدى المستغَلّين ووعي استباقي لدى الغرب في معركته الحضارية"، كما قال إنّ "الدولة الحديثة ليست كيانا بريئا، كما ليست وسيلة لتدبير الشان السياسي، بل هي فلسفة ومقاصد ورؤية للإنسان، على ضوئها يخطط لهندسة معينة". وأمام الحاضرين أورد المرابط أنّ الحضارة لا تفرض نظاما او نمطا، لكنها ارست آليات تُطلب لا إراديا، "هناك تعدد ثقافي لا تعدد حضاري، إذ هناك حضارة واحدة بداخلها ثقافات.. إنّها العولمة التي لها نمط حضاري واحد، بينما العِلم ساهم في تنميط الانظمة السياسية بتحوّلات تنعكس على نمط الحياة بتقليص الفرص، وما العوائق الإيكولوجية والاجتماعية إلاّ عرقلة للوصول إلى هذا النمط الأوحد أو هذه الحضارة".. واسترسل مصطفى المرابط: "ينبغي الانتقال من التحدى الحضاري الى التحدي الوجودي، ويجب ان تتنادى كل الإرادات لإيقاف هذا الانحدار الحياتيّ الذي يكيّف المحيط من أجل الاستجابة للحاجيات". ضيف المجلس الاسلامي المغربي في اسكندنافيا نادى بـ "التخلص من الفكر الذي مازال يتحصن بالمعركة الحضارية"، معتبرا أنّ ذلك يمكن أن يتم عبر "فحص الخطاب الذي ينتجه هذا الفكر"، كما دعا إلى "بناء خطاب جديد يكون وجوديا بالاعتماد على ما هو مشترك بين الانسانية، وليس على الهويّة، بتمييز لصالح التكامل والتشارك والتعاون".. وقال المرابط أيضا إنّ "غياب المسلمين وتفريطهم سبب في تفشي الخطاب السائد، ذلك أنهم انتقلوا من الحضور في العالم إلى الحضور ضدّ العالم". "الغرب يتمدد على حساب الآخر، لكنّه كلما كبر المسلمون كبر العالم، والمطلوب من المسلمين الانتقال إلى بناء العالم والتفكير معه.. الإسلام يسكن الآن العالم بدون مسلمين، ونحن محتاجون لتثمين قيم الغرب التي تمثل الإسلام.." يقول الدكتور مصطفى المرابط، ويزيد: "العالم الإسلامي هو متوتّر وغير مؤهّل للبناء حاليا، لقد كتب عليه أن يدفن فيه الوجه البشع للبشريّة، والعروج نحو مسيرة السيرة سيتم في الغرب وليس في العالم الإسلامي، ذلك أنّ المسلمين لا يرتبطون بالجغرافيا، والغرب أدرك، عبر مسيرته، كل ما هو ممكن لتحقيق سعادة الإنسانيّة.. فالبشر لا يتخلى عن شيء إلاّ إذا وجد ما هو أحسن، وتجاوز الشيء لا يمكن أن يتمّ إلا بما هو أفضل".


0 التعليقات: