الاستفزازات الجزائرية للمغرب .. عادة قديمة يُثبتها التاريخ
الاثنين 20 أكتوبر 2014 - 22:50
"رمتني بدائها وانسلت" لن يكون مثل عربي أفضل منه لينطبق على الجزائر، وعدد من وسائل إعلامها وصحفها التي لا تفتر من التسبيح بذكر حكام "المرادية"، خاصة في كل ما يتعلق بالعلاقات الثنائية التي تجمع الجارة الشرقية بالمغرب، وفي كل سوء تفاهم أو خلاف دبلوماسي. هذا المثل السائر يقصد به العرب من يتلبس بأمر سيء ما، ولكنه يرمي به بريئا لصرف النظر عنه، قبل أن ينسل مثل حية رقطاء، كما أنه مثل صار له معنى ودلالة في علم التحليل النفسي، وهو "الإسقاط" La projection، الذي ينم عن نفس مريضة ونَخِرة. هذه المقدمة ليست لشيء غير ما نشرته جريدة جزائرية معروفة بقربها من المخابرات العسكرية والنظام الجزائري، والتي يلقبها ظرفاءٌ بـ"الشرور"، بحذف القاف واستبداله بالراء، في إشارة إلى ما تثيره من فتن مدلهمة تصطاد من خلالها في الماء العكر كلما تعلق الأمر بالمغرب وشؤونه. الجريدة "الناطقة" باسم الجيش الجزائري اعتبرت أن ما يصدر من المغرب اتجاه الجزائر ليس سوى "اتهامات بمثابة عادة قديمة لا إثباتات تؤكدها"، وبأن الجزائر تمسكت بـ"عقلانية" التعامل مع ملف الاستفزازات المغربية التي تتعرض له كل مرة من طرف نظام المخزن". مسلسل استفزازات وكأن لها "ذاكرة سمك"، تناست الجريدة بأن الجزائر هي من ثبت عليها عادة الاستفزازات المتوالية التي تثبتها كل الأدلة، آخرها ما تعرض له مواطن كان يشتغل في حقله، فحوله بيان وزارة رمطان لمعمارة إلى مجرد مُهرب، مع ما يحمل هذا البيان من إهانة لكرامة ضحايا حادثة الرصاص يوم السبت المنصرم. ومسلسل الاستفزازات الجزائرية للمغرب تطول ولا تتوقف، لكن يمكن التذكير منها بما أقدمت عليه سلطات الجارة، بداية العام الجاري، عندما رحلت عشرات المواطنين السوريين إلى داخل الأراضي المغربية، في تصرف وصفته الرابط حينها "بالمفاجئ وغير المسؤول". ويتساءل متسائل أين كانت حينئذ "عقلانية" للحكومة الجزائرية، كما تحب أن تصف الجريدة إياها السياسة الخارجية للجزائر إزاء المغرب، عندما قامت بترحيل "لا إنساني" لأزيد من سبعين لاجئ سوري، أغلبهم أطفال في وضعية بالغة الهشاشة"، وفق ما ذهبت إليه الرباط حينها. وقبل حادثة ترحيل السوريين إلى المغرب دون استئذانه أو أخذ رأيه، استفزت الجزائر أيضا المغرب برسالة دبجها رئيسها "المريض" منذ أشهر، يدعو فيها إلى تكليف بعثة الأمم المتحدة بمُراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، وهو ما اعتبرته المكلة "استفزازا عدائيا" واضحا اتجاهها. ولم تنحصر قائمة الاستفزازات الجزائرية عند هذا الحد، فقد أقدمت السلطات الأمنية بالجزائر منذ مدة على تعزيز حدودها مع المغرب بمراكز جديدة للرقابة، متهمة باستمرار المملكة بأنها سبب مآسي الشباب الجزائري الذي يتخبط في المخدرات، ويعيش وسط البطالة. وليس أقل تلك الاستفزازات التي باتت عادة جزائرية محضة، إطلاق الحكومة الجزائرية علانية، وهي التي تدعي أنها طرف محايد في نزاع الصحراء، قبل فترة لحملة دعم ما تسميه "مخيمات اللاجئين" في تندوف من خلال شاحنات تحمل الأطنان من المؤن الغذائية.وما خفي كان أعظم. وتنخرط هذه الاستفزازات وغيرها كثير، وفق آراء محللين كُثُر، في سياسة جزائرية ممنهجة، هدفها استثارة المملكة ودفعها إلى التسرع في اتخاذ قرارات تبدو خاطئة، فضلا عن صرف الأنظار عما يموج في الداخل الجزائري من مشاكل وخلافات قاصمة، وذلك كله من خلال عداء هستيري يطبق شعار "اضرب كل مغربي يتحرك".
0 التعليقات: