عزيزتي وهيبة.. تْرْجْعي بالسلامة
الأربعاء 14 ماي 2014 - 20:05
مرحبا وهيبة، لم أكن أظن أنك حين صرختي في وجه ذلك المسؤول الأمني، مساء تلك الجمعة الرمضانية غير المباركة، التي قررت فيها الاحتجاج على العفو الملكي لصالح دانييل كالفان، أنك جادة فيما قلتي و أنك عازمة على تنفيذ وعيدك و أنك لن تنجبي طفلا آخر، فوق سرير الوطن، يؤنس وحدة أخته فاطمة الزهراء أو "طمطومة"، كما تسمينها، و التي كانت تبكي فوق كتفيكي مصدومة من هول ما رأت من عنف و غلظة و فظاظة ضد مواطنين عزلا خرجوا للدفاع عن حرمة فلذات أكبادهم التي انتهكت بانتهاك حرمة أطفال فقراء في زاوية مظلمة من زوايا وكر الاسباني المغتصب في مدينة اسمها القنيطرة. وهيبة أتذكر صراخك، عندما رأيتي دم المتظاهرين يسيل على الرصيف المقابل لقبة "باليما"، و أنت تقولين "ما بغيتش باقي نولد فهاد البلاد.. أنا بغيت لْعْــGـْرْ.." كما أتذكر ملامح طمطمومة يعلوها الخوف و الهلع و هي التي ترعرعت في مسيرات حركة 20 فبراير المجيدة و ألفت الاحتجاج ورودا و غناء و ابتسامات يوزعها الأعمام و توزعها الخالات.. خالتي نعيمة، خالتي سلمى، عمو مهدي، عمو ياسين و آخرون و أخريات. وهيبة أتذكرك، و أنت شابة يافعة، و قد خرجت غاضبة من صفوف الاتحاد الاشتراكي، وفاء للديمقراطية، بعدما إقتنعتي أن حزب المهدي و بوعبيد قد قطع حبل الصرة مع القوات الشعبية و بعدما اقتنع رفاقك أن الانتقال الديمقراطي قد تحول الى مسلسل "سانتا بربابارا" الذي شاخت معه الأجيال و أن التناوب تحول الى "نويبة" في غفلة عن الصادقين. وهيبة أتذكر وأنت المنتمية للحزب الاشتراكي الموحد في بدايات الوحدة صحبة رفيق دربك قادر، المنتمي لحزب الطليعة الاشتراكي، و أنتما تفترشان حصير المؤتمرات و رغيف الندوات، تفترشان هموم الناس و تلتحفان بأحلام التغيير و أمل كبير في يوم تبزغ فيه الشمس على مغرب بفوارق أقل و ظلم أقل. أتذكر كيف كنا، نضحك لكما و من ورائكما و نقول في نميمتنا أن زواج قادر ووهيبة مقدمة لزواج أحزاب اليسار التي احترفت الطلاق. وهيبة أعلم أنك الآن حامل، في شهرك الرابع ربما، واعلم انك في طريقك الى المطار أو في الطائرة أو وصلتي توا الى كندا و قد قررتي صحبة زوجك أن تستقري هناك بعدما ضحيتما بمسار مهني و دفئ العائلة و الطقس و الرفاق. لن أسألك عن هذا الذي يدفع بأبناء الوطن الى الهجرة و الهجران و لن أسألك عن الذي وضعتي في حقيبة السفر لأني أعلم أنك تركتي و زوجك قلبكما مخبأ بعناية في دولاب الوطن لكني أستحلفك بأقدس المقدسات أن ترضعي ابنك و ابنتك حليب الانتماء و أن تعودي يوما صحبة قادر و طمطومة و المولود الجديد للصدح نهارا جهارا " كرامة، حرية، عدالة اجتماعية.." إنه الوطن يا وهيبة.. تمشي ترجعي بالسلامة.
0 التعليقات: