التحالف الضمني بين حزبي "المصباح" و "الجرار"
الثلاثاء 27 ماي 2014 - 08:34
الواقع أن مغرب اليوم هو ضحية توجهين سياسيين يسفهان كل ممارسة سياسية تضع أصبعها على مكان العطب الحقيقي و تنتقد أصحاب القرار الفعلي و توضح بشكل جلي أن من يعتبر نفسه مصلحا في ظل "الاستقرار" ما هو الا صاحب محل للزينة و وضع المكياج يرتب "الفون دو تانت" على عيوب البشرة بدل إجراء عمليات جراحية حقيقية من أجل إنهاء العيوب. التوجه الأول يمثله حزب العدالة و التنمية الذي يقدم نفسه كممارسة براغماتية تزاوج بين الإصلاح المتدرج و ضمان الاستقرار في وقت أضحى فيه الحزب غطاء لتراجعات خطيرة جدا لعل أبرزها هو حالة التواطؤ التام و التطبيع مع الاعتقال السياسي و البحث المتواصل عن رضا القصر بدل رضا مليون و 400 الف مواطن التي صوتت لصالح "المصباح" في انتخابات 25 نونبر 2011. التوجه الثاني يمثله حزب الأصالة و المعاصرة الذي يقدم نفسه كمعارض لمشروع حزب العدالة و التنمية و كراغب في إعطاء بدائل تنتقل بالمغرب الى وضع أفضل في حين أن ماهية هذا الحزب هي تمظهر لأسوأ ممارسة حزبية عرفها المغرب في العقدين الأخيرين حيث أن حزب الجرار، الذي خرج من رحم القصر، لم يكن سوى محاولة سلطوية تسلطية لإحكام القبضة على المشهد الحزبي و الإدارة حيث تحول في أشهر نشأته الأولى الى طريق سيار يركبه كل الانتهازيين للوصول لمنافع شخصية بدليل أن عدد من الجالسين اليوم على رأس المؤسسات و المسترخين داخل قبة البرلمان لم يكن لهم من فضل على الحياة العامة سوى صفة الانتماء لهذا الحزب داخل سيرهم الذاتية. مشكلة الإصلاح الفعلي و الإصلاحيين الحقيقيين بالمغرب - و لا أقول الثوار أو الفوضويين - أنهم ضحية تحالف ضمني و غير معلن حزب بين العدالة و التنمية و حزب الأصالة و المعاصرة رغم تناقضهما البادي إلا أن الحزبين يتفقان في الجوهر على خدمة الاستقرار بما يخالف جوهر مفهوم "الاستقرار" و يقترب من مفهوم آخر مفاده الامتناع عن طرق باب الانتقال الديمقراطي من خلال الدفاع عن البنيات التي أنتجت الفساد و الإبقاء على التحالفات التي ترتوي من نبع الاستبداد. إن حزب العدالة و التنمية مازال مدافعا عن استقامة أخلاقوية، تنتقد شبكة البرامج التلفزيونية و بعض الصحفيين و تحتفي بحملات "حجابي عفتي" لكن نفس الاستقامة و نفس العفة تعوز الحزب متى ارتبط الأمر بموقف ديمقراطي و شجاع في لحظة سياسية مفصلية كان آخرها إنتقام السلطة عبر أحكام سياسية قاسية رمت بـ "شباب 6 أبريل" في غياهب سجن عكاشة النتن. حزب الاصالة و المعاصرة، من جهته، يقدم نفسه كمدافع عن قيم الحداثة و الواقع أن هذه حداثة "الجرار" لا تتجاوز بعض خطوط الساحة الاجتماعية بينما يسكت قواد "التراكتور" عن الحداثة السياسية التي تشرح البعد التقليداني داخل النظام السياسي الذي يغير صباغة الآلة، من حين لآخر، في وقت يحتاج فيه المغرب الى تغيير قطاع الغيار. بهذا المعنى يكون حزب المصباح و حزب الجرار جنودا في خندق واحد و أصحاب أدوار مختلفة لكنها أدوار تجسد على نفس الركح المسرحي و تردد الكلام المكتوب من نفس المؤلف الذي خاط الملابس و رسم السينوغرافيا رغم أنه لم يتحكم في توقيت العرض الذي أملته ظروف أخرى. إن وجود "المصباح" بهذا الشكل الى جانب "الجرار" مفسدة للفرجة و تهديد حقيقي للإستقرار و تأجيل لذاك الانتقال الهادئ و الرصين نحو مغرب الديمقراطية الذي يتمناه الاصلاحيون الحقيقيون.
0 التعليقات: