اخر المواضيع

هل أضحت جامعاتنا مرتعا لإنتاج الإرهاب الفكري؟







كانت أم عبد الرحيم الحسناوي، كما كانت أم آيت الجيد بنعيسى، تنتظر أن يأتيها إبنها الطالب المواطن المغربي، بشهادة جامعية، فإذا به يأتيها في كفن مع شهادة الوفاة، مفارقا الحياة في سن مبكرة، ليس في الشارع العام في حادثة سير مباغثة، بل داخل الجامعة. فضاء العلم والمعرفة والتحصيل، والتأطير والتكوين السياسي، يتحول إلى حلبة مصارعة يقع فيها الإيذاء والإعتداء الجسدي والمس بالسلامة البدنية بالسلاح الأبيض واستئصال الحق في الحياة.لا أحد يستسيغ القتل داخل حرم الجامعة. ما وقع من أحداث في "ظهر المهراز" بفاس، هو عربون على أن الجامعة المغربية فشلت وعجزت عن تلقين طلبتها مبادئ النقاش الهاديء والقبول بالإختلاف، ليصبح باب العلم فرصة لترويج أفكار تضر بالمعرفة و التعليم السليم، لأن النقاش الفكري بين الإيديولوجيات تسلح بالتعصب وإقصاء الآخر. وحين يغيب التسامح و السلام، وتهيمن لغة الغاب، ستقبع حتما جامعاتنا في ظلمات الجهل وتحيد عن نور العلم.بعد مرور عاصفة إرسال القاذفات من هنا وهناك، عوض السقوط في المزايدات وفي الاتهامات المتبادلة، وفي الشوفينية، علينا التفكير، من موقعنا كسياسيين في التدابير التي يجب أخذها، من أجل وضع حد لسرطان العنف الذي ينخر منذ سنوات الجامعة المغربية. على الحكومة الحالية، التي بيدها مقاليد السلطة التنفيذية، أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة، وأن تباشر بشكل جدي، محاربة ظاهرة العنف في الوسط الطلابي. عنف يزيد من تعميق المشاكل التي تعرفها جامعتنا المرتبة في أدنى الدرجات، وأن يقدم لنا السيد وزير التعليم العالي استراتيجية إجرائية واضحة المعالم لحل المشاكل التي تتخبط فيها.لكي نخرج من متاهة البحث عمن يتحمل مسؤولية البدء بإثارة نزعة النزال والندية، والتي ستوقعنا حتما في دوخة التبريرات، لأن ماوقع هو تجسيد لتاريخ من الصراعات السياسية الكل فيها مسؤول بنفس المستوى، لقد حان الوقت لإيقاف نزيف العنف الذي يستلزم إعادة النظر في بعض صيغ التوجهات الفكرية التي تؤطر طلبتنا، لكي لا يكون عنوانها : الجامعة المغربية تنتج الإرهاب الفكري وتقتل باسم التشنجات الإنتمائية. على طلبات تنظيم الأنشطة داخل الجامعة أن تؤطر. وقبل أن تحظى بالموافقة، أن يتم استحضار الوضع داخلها، وأن لا نترك ذاكرة بعد الفصائل الطلابية تحرك خيوط الأحداث، وتستغل للإشتغال بمنطق الثأر وتصفية المخالفين لأنساقها الفكرية. وأن تتخذ جميع الإجراءات اللازمة، لكي لا تنحرف الأنشطة الثقافية والفكرية التي تقام داخل الحرم الجامعي، عن مسارها الإشعاعي وتحول إلى مواجهات دامية، يغيب فيها ضبط النفس، وتبني آليات التواصل السلمية ومعالجة إختلاف الرؤى بين التيارات.لنترك القضاء المغربي، المفروض في قراراته أن تتسم بالإستقلالية والنزاهة، يقول كلمته في النازلة، ولنشتغل على ما بعد هذه الأحداث، أي إلتزام جميع المؤسسات بالحياد والموضوعية، والعمل سويا من أجل مأسسة ضوابط سلوكية تحضر فيها المصلحة العليا للوطن، والتأسيس لمناخ التغيير من أجل فضاء جامعي قوامه الحوار، المقارعة الفكرية، التعاون والتعايش في كنف مغرب يتسع للجميع، أساسه الحرية المسؤولة، الكرامة والعدالة الاجتماعية.


0 التعليقات: