اخر المواضيع

قضاة وخبراء قانونيين يضعون منظومة العدالة تحت المجهر‎







أجمع خبراء ومهتمون، منتصف الأسبوع الجاري بالعرائش، على ضرورة الإصلاح الديمقراطي للمنظومة القضائية في المغرب. وفي مداخلته في إطار اللقاءات الموضوعاتية التي نظمها مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، يومي الأربعاء والخميس الماضيين، حذر القاضي رشيد مشقاقة من أن أي إصلاح للمنظومة القضائية في المغرب لا يعتمد أسلوبا منهجيا، ولا يعطي الإعتبار لكفاءة القاضي وتجربته في الميدان، من شأنه الإجهاز على المنظومة القضائية، وأن "لا يعطينا قضاء سليما". وأكد مشقاقة والذي يشغل أيضا منصب رئيس منتدى القضاة الباحثين بالمغرب، أن منظومة العدالة في بلادنا لا زالت في بداية الطريق "إن لم نقل أننا لم نبدأ بعد". القاضي مشقاقة لخص شروط الإصلاح في ضرورة إعادة النظر في العديد من الجوانب، من بينها تغيير الأشخاص الراهنين "حتى يتم إنتقاء أفضل الكفاءات من القضاة،ليقوموا بمهمة الإصلاح على أكمل وجه". ودعا كذلك إلى تحديد مفهوم القاضي وإعطائه مكانته السامية، فالقاضي يضيف مشقاقة، يجب أن يكون له قصب السبق في العديد من المبادرات التشريعية، لأن المشرع إذا لم يستند على القاضي فلا يمكن الحديث عن أي إصلاح تشريعي. وفيما يخص إحداث المحاكم المتخصصة في المغرب، ذكر مشقاقة أنه سبق لهم كمنتدى أن اقترحوا أن يكون هناك إنسجام مع مختلف التخصصات من خلال إحداث مركب قضائي يشمل كل التخصصات. وكشف رئيس منتدى القضاة الباحثين بالمغرب، إلى انهم دقوا غير ما مرة ناقوس الخطر في مسألة التكوين المستمر للقاضي، قائلا بأنهم ليسوا موظفين يشتغلون في مرفق عمومي يطبق النصوص القانونية فحسب، بل يجب أن يكونوا مستقلين بأحكامهم القضائية. ذات المحاضر دعا إلى تخصيص مرتب محترم للقضاة كباقي البلدان المتقدمة، "لأن القاضي المغربي محاط بالعديد من الإكراهات المادية وأحيانا نجده لا يستفيد من عدة إمتيازات،علما أن دوره خطير ومهم، وأن القطاعات الأخرى تتبع إليه وتلجأ إليه"، يقول مشقاقة الذي أشار إلى أنهم قدموا إقتراحات في الموضوع لوزارة العدل ولكنها لم تأخذها يعين الإعتبار، على حد تعبيره. مشقاقة ذكر أيضا أنه بفضل الدستور الجديد بدأوا يشعرون لأول مرة بالحرية، محذرا من أن منع طموحات القاضي،سيُعد بمثابة إغلاق باب الإصلاح،كاشفا أن إحداث قضاء نزيه وفعال،سيمكن بلادنا من جلب الإستثمارات الأجنبية. من جانبه لاحظ الدكتور محمد بوزلافة أستاذ القانون بجامعة فاس إن إصلاح القضاء أخذ عقودا طويلة وسيأخذ المزيد من العقود.قائلا إن التشخيص هو جزء من العلاج وتسائل لماذا التأخر في العلاج "علما أن التشخيص واضح،وإذا لم نغير مجموعة من المقاربات فاننا لن نستطيع القيام بأي اصلاح وسنظل دائما في محطة التشخيص", ولفت إلى أن هناك تقصير في تسييير وتدبير المحاكم في ظل غياب رؤية في التوزيع الجغرافي وأن تدبير الرقعة الجغرافية التي تتواجد فيها المحاكم حاليا لا تأخذ بعين الاعتبار ما تنص عليه الوثيقة الدستورية، داعيا الى التوقف عن إجراء التجارب، فالمشاكل في نظره واضحة. وأضاف بوزلافة " لا يعقل أن لا تتوفر مناطق من المغرب على محاكم القضاء الإداري والتجاري،و لا يعقل أن تكون قضايا الارهاب وتبييض الأموال في محكمة الرباط فقط وبالظبط في ملحقة سلا. ولا يمكن لمواطن من العيون ووجدة أن يذهب إلى الرباط لقضاء مصلحة في إحدى المحاكم". بوزلافة برر ذلك بوجود هواجس إقتصادية وأمنية لدى السلطة، هي التي تحكم على بناء محكمة هنا دون هناك،داعيا إلى تطبيق قانون القرب في هذا المجال، وكذا إعادة النظر في توزيع الخريطة القضائية في المغرب،لتنسجم مع التقسيم الإداري مع القضائي والتوزيع السكاني. وكشف أنه إلى حدود 2011 يوجد 3749 قاضي،وهو رقم بعيد عن الارقام الموجودة في بلاد الجوار الشبيهة لبلادنا،و"حتى دخلها أقل منا". وأقر الخبير القانوني بوجود تفاوت بين النمو الديموغرافي وعدد القضايا وعدد القضاة، "وهذا يطرح مشكل في كيفية إصدار أحكام ذات جودة" عوض ذلك "نجد القاضي غارق في المئات من القضايا لا تساعده على تقديم منتوج دو جودة في الأحكام" . من جهته بسط الدكتور محمد الهيني نائب الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بالقنيطرة وقاضي باحث وحقوقي، تجربة النسيج الجمعوي في الدفاع عن إستقلالية القضاء،والمكونة من مجموعة من الهيآت المهتمة بالقانون والعدالة. هذه الهيئات يقول الهيني "حاولت تقديم مذكرة باسم النسيج لأنها لاحظت أن هيأة الحوار الوطني أقصتها"، معتبرا أن المقاربة التشاركية التي ترفعها وزارة العدل ليست سوى مقاربة صورية، يقول المتحدث الذي دعا إلى "فصل السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية وأن ترفع وزارة العدل يدها عن مهام القاضي وأن المجلس الأعلى للسلطة القضائية هو الوحيد المخول له الأمور القضائية". وحذر المتحدث أيضا من "ضعف الضمانات المخولة للقضاة"، واصفا ذلك بالأمر الخطير الذي يمس باستقلالية القاضي، يقول الهيني الذي اعتبر أن " نقطة ضوء وحيدة، هي استقلالية النيابة عن وزارة العدل"، معتبرا ذلك ليس حبا في وكلاء الملك أو القضاة ولكن لضمان وتكريس الفصل بين ما هو سياسي عن القضائي.


0 التعليقات: