اخر المواضيع

مطالب حقوقية بمساءلة بادو عن "اختلالات" صفقات طبيّة







طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام، من وزير العدل والحريات، إصدار تعليماته للشرطة القضائية لفتح تحقيق فيما وصفته باختلالات تهم تدبير وزارة الصحة للمنتجات الصيدلية، تكتسي صبغة جنائية، حيث دعت إلى جرّ وزيرة الصحة السابقة، ياسمينة بادو، للمسائلة، على أنها من بين المتورطين في وقائع تلك التجاوزات. وتورد الجمعية، وفق شكاية لها موجهة للوزير مصطفى الرميد، توصلت هسبريس بنسخة منها، أن تلك الاختلالات سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن أفرد حيزا هاما لها في آخر تقرير له، وتهم "احتكار" أغلب الصفقات التي تبرمها "الصحة" من طرف "متعهد وحيد والذي يحظى لوحده دون غيره بهذا الامتياز في خلاف تام لقانون الصفقات العمومية ولمبادئ الشفافية والمنافسة". وأوضحت الهيئة المذكورة أن وزارة الصحة متورطة أيضا في عدم مراقبة طريقة تحديد أسعار بعض الأدوية المستوردة، على أن فاتورتها غير مصادق على مطابقتها للأصل من طرف مصلحة المراقبة، مشددة على أن "لجنة أسعار الأدوية" المحدثة مخالفة للقانون الخاص بحرية الأسعار والمنافسة، زيادة على أنها "لم تجتمع سوى مرتين". الشكاية التي وجهتها الجمعية إلى الرميد، أوردت أن أسعار بعض مستحضرات الأدوية "مرتفعة جدا"، إضافة إلى "تغيرات كبيرة في هوامش الربح المرتبطة بالتوزيع حسب أسعار الأدوية"، فيما اتهمت وزارة الصحة بعدم مراقبتها لتلك الأسعار "لاسيما عند تفتيش الصيدليات". واعتبرت الهيئة الحقوقية أن الأمر يعبر عن استمرار نهج "غياب الشفافية في سياسة وزارة الصحة وضرب القواعد القانونية"، مسجلة في سياق ذلك، "غياب وثائق تعريف الدواء" و"الموافقة على تسلم هبات أدوية قريبة انتهاء الصلاحية أو دون تصريح تاريخ الصلاحية" و"غياب الوثائق المتعلقة بطلبات إيقاف التسويق" وأيضا "غياب الإثباتات لمنح الاستثناء من أجل الاستيراد". في مقابل ذلك، أشارت الجمعية إلى أن احتكار بعض المؤسسات الصيدلية الصناعية لحصص مهمة من الأدوية، ينتج عنه "تمكين هذه المؤسسات من فـرض سعرها والتأثير على الفترة التي بإمكان وزارة الصحة التوفر على هذه الأدوية والتي يعتبر بعضها حيويا". من جهة أخرى، انتقدت الجمعية المذكورة غياب المبررات وراء إدخال لقاحات ضـد "البنومكوك" و"الرطفيروس" للمغرب، معتبرة أن إدخال تلك اللقاحات يعتبر أولوية بالنسبة للدول التي لديها معدل وفيات الأطفال أقل من 5 سنوات يفوق 50 وفاة / 100 ولادة، وفق منظمة الصحة العالمية، "المغرب لا يدخل ضمن هذه الدول على اعتبار أن معدل وفيات الأطفال لم يتعد 28/100 خلال سنة 2010". إصرار وزارة الصحة في حكومة عباس الفاسي، حسب إفادة الشكاية، على تلك اللقاحات وإنفاق مبالغ مالية ضخمة من المال العام في صفقتين، "ما يناهز 86 % من ميزانية جميع برامج الصحة العمومية و 90 % من ميزانية أدوية المستشفيات"، رأت فيه الجمعية "غيابا للشفافية واستمرارا في هدر المال العام". وزادت الهيئة ذاتها توضيحا أن الوزارة أبرمت اقتناء لقاح ضد "البنومكوك" بمبلـغ يزيد عن 3 مليار درهم "كحـد أدنـى سنــوي"، بينما خصصت الصفقة الثانية لاقتناء لقاح ضد الروطفيروس بمبلغ 73 مليون درهم كحد أدنى سنوي وما يزيد عن 85 مليون درهم كحد أقصى، وذلك خلال العام 2010. وأشارت الوثيقة ذاتها إلى عدم رصد "الصحة"، خلال العام ذاته، لأية اعتمادات مالية لشراء لقاحات ومواد بيولوجية في إطار برنامج الاستعمال الأولي، مشيرة إلى أن تمويل العملية تم من غلاف مالي خارج الميزانية بمبلغ 640 مليون درهم، "الذي تم رصده آنذاك لدعم برنامج نظام المساعدة الطبية (الراميد)"، حيث تم تحويل مبلغ يقدر بـ398 مليون درهم فقط من طرف وزارة المالية إلى الحساب " الأموال الخاصة بالصيدلية المركزية". فيما أضافت أن عملية الاعتماد المالي بشأن اللقاحات المذكورة، تمت بعد أن "قام رئيس قسم التموين في 24 نونبر 2011 بتحويل مبلغ يفوق 352 مليون درهم من البند 'شراء المنتجات الصيدلية و المستلزمات الطبية' إلى البند 'شراء اللقاحات و المواد البيولوجية'"، مشددة على العملية لم تحترم فيها "النصوص التنظيمية عند إعداد ملف طلب العروض" ولا "دفتر الشروط الخاصة عند الأداء". المبالغ المالية الضخمة، وفق منظور الجمعية المغربية لحماية المال العام، المصروفة على إدخال تلك اللقاحات إلى المغرب، "في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من أزمة واضحة.. على مستوى بنيته التحتية والمعدات والأجهزة الطبية"، وصفت على أنها تمت "دون مبرر مشروع"، خاصة وأن الوزارة المعنية "لا تتوفر على الوثائق القانونية لتعريف الدواء أو تلك المتعلقة بإيقاف طلبات التسويق أو تلك المثبتة لمنح الاستثناء من أجل الاستيراد". وطالبت الجمعية الحقوقية من مصطفى الرميد، بصفته وزيرا للعدل والحريات ورئيسا للنيابة العامة، التدخل من أجل ما وصفته متابعة كافة المتورطين في وقائع تلك الاختلالات، من وزير الصحة السابقة، ياسمينة بادو، وكل المسؤولين بالوزارة من مديـرين مركزيين وموظفين، بمن فيهم رئيس لجنة أسعار الأدوية بوزارة الصحة العمومية.


0 التعليقات: